يوم الطائف!! وما لقي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم من ماله في هذا الوقت دابة يركبها، ولو
حماراً يحمله إلى مكان بعيد عن مكة ليبلغ رسالة ربه، ولما أراد الذهاب إلى
الطائف لم يجد إلا قدميه، وعندما رآه أهل الطائف وهم أهل الغنى والثراء،
وقد أتاهم من مكة ماشياً، وليس معه أحد.. لا صديق، ولا مرافق، ولا خادم،
يقوم بخدمته.. ثم يقول لهم بعد ذلك [أنا رسول رب العالمين]!!، استنكروا هذا
جداً، ولم تتقبل عقولهم المريضة، ونفوسهم الخسيسة أن يكون هذا الذي أمامهم
وهو على تلك الحال من الضعف والفقر هو رسـول الله حقاً وصدقاً، إذ كيف
يكون رسول الله خالق الكون الذي يكلفه بالبلاغ للناس جميعاً، ولا يضع له
ولو ردابة في الخدمة ليبلغ عليها رسالة ربه!!
وكان من شأنهم ما قصه النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها قائلة: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال:
[لقيت من قومك ما لقيت!! وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذا عرضت نفسي
على ابن عبدياليل بن عبدكلال، فلم يجبني إلى ما أردت -فانطلقت وأنا مهموم-
على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب -وهو المسمى بقرن المنازل- فرفعت
رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن
الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال
لتأمره بما شئت فيهم!! فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد، ذلك!!
فما شئت؟! إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين - أي لفعلت، (والأخشبان هما
جبلا مكة، أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقعان) - قال النبي صلى الله عليه
وسلم: بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا
يشرك به شيئاً].(متفق عليه) .