قبيلة أيت ياسين

تعتبر قبيلة أيت ياسين من إحدى القبائل التكنية التي تدخل ضمن لف ايت عثمان، فاللف في هذه الحالة ما زال يشكل فكرة مهمة و قائمة، وبالتالي فلا محل هنا جاء به جاك بيرك في الدراسة التي قام بها حول ***اوة . عندما لاحظ أن اللف أصبحت فكرة متقادمة و دوره لم يعد موجودا، وتنحصر أصول القبيلة من الجد الأعلى عثمان بن مندي عامل يوسف بن تاشفين على مدينة مول لمة، وتحتفظ القبيلة بسلسلة نسبها كاملة، فنجد عثمان بن مندي ينحدر أصله إلى أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أي النسب الشريف ، والسنوات التي عاش فيها هذا الجد ما بين 814هـ و 884 هـ أي القرن التاسع الهجري.
وفي نفس السلسلة، نستخرج الجد الذي يجمع قبائل بلة، وهو بلة الذي عاش ما بين (955هـ- 1045هـ)، تحت اسم بلة بن لحسن (884هـ- 962هـ) بن يحيى (854هـ- 924هـ)بن عثمان( 814هـ-584هـ)بن مندى(749هـ- 816هـ)

،فكل المستجوبين من أفراد القبيلة يؤكدون على بلة هو الجد المشترك ترك خمسة أبناء و هو ياسين ، زفاط ، مسعود احماد، بالحويلي؛ في حين نجد دولاشبيل في كتابه: يقول بأن أيت بلة ثلاثة قبائل فقط، وهي أيت ياسين- ازوافيط- واد حماد، فأغفل قبيلتين هما بلحويلات، واد مسعود، على الرغم أنهم من أبناء بلة.
وهؤلاء الأبناء سوف ينتج عنهم فيما بعد، خمسة قبائل تنسب كلها إلى بلة رغم ما سيحدث بينهما من نزاعات حول الأرض، سيؤدي إلى توزيع هذه القبائل في نواحي الصحراء، فنجد أبناء مسعود في جبال تيسة، وأبناء زفاط باسرير، وأبناء حماد في فاصك، وأبناء بالحويلي في واعرون، وأخيرا أبناء ياسين في جبال كير و أفركط؛ فرغم هذا الانتماء إلى جد واحد، إلا أنه يطرح مشكل على مدى صحة انتساب كل قبيلة، فالانتماء يبقى نسبيا؛ فهذا التنوع الكبير في أصول السكان يجعل روبير مونطاي يقسم بنية المجتمع التكني إلى ثلاث مستويات:
1 تكنة ذات الانتساب القرابي السلالي – تكنة بالدم- و ينحدرون رمزيا على الأقل من الجد الأعلى عثمان بن مندى عامل يوسف بن تاشفين إلى مدينة نول لمطة.
2 تكنة الأسمين- تكنة بالاسم- وقد جاء انضمامهم عن طريق التوسعات التحالفية.
3 تكنة المنتمين- تكنة باتحاد الذمة- وهم أبناء أو محميون عايشوا مختلف قبائل الاتحادية لمدة طويلة.
فهذا التقسيم تم تطبيقه على قبائل التكنة ككل، فقبيلة أيت ياسين سنجدها ضمن المجموعة الأولى أي تكنة ذات الأنساب القرابي السلالي التي تنحدر من عثمان بن مندى، فيما يخص الأفخاذ الثلاثة الأصلية في القبيلة و هي أهل سالم و اهل بلة، وأهل بوشلكا. أما الأفخاذ الأخرى وهي سبعة فهم عبارة عن محميين التحقوا بالقبيلة و هم أيت جلول أهل رقية أيت حمو أيت داود وأهل يحيى أهل بومزكان أهل بوتيزوى، فكل فخذ من هؤلاء قصة يتداولها أفراد القبيلة عن أسباب و كيفية التحاقها بالقبيلة و اعتبارها جزءا لا يتجزأ منها. و سوف ندرج هذه القصص رغم اختلاف الروايات حولها، لكنها تتفق عموما حول الظرفية و المضمون الكلي للانضمام :
أيت جلول: ينتسب هذا الفخذ إلى أيت جرار ،حيث يحكى أن جدهم قبض عليه في قبيلة أيت ياسين اتهامه بالسرقة فتم تعليقه لكي يرجم بالحجارة لأنه لا يوجد من يفديه بالمال، وفي تلك اللحظة جاء سالم جد فخذ أهل سالم من السوق، فوجده معلقا و لما استفسر عن أسباب تعليقه قيل له السرقة، فقال هل يمكن فديته بالمال، قالوا: نعم فدفع لهم المبلغ المطلوب، وتم بالمقابل إطلاق سراح جلول الذي بادره سالم قائل: «اذهب فقد حررتك لوجه الله»، لكنه لم يذهب بل تبع سالم إلى سأله: لماذا تتبعني؟ فأجابه: أريد الذهاب معك، أنت أنقدتني و أنا اليوم عبدك إلى أن أموت، وفعلا اصطحبه سالم معه و عاش بقربه في القبيلة، وكون أسرته الكبيرة، فأصبح أبناءه و أحفاده يسمون أيت جلول.
أهل رقية: فيما يخص التحاق هذا الفخذ بالقبيلة فقصته كالأتي: كان في نواحي تغاجيجت اخوين، والحرب دائرة بين أيت ياسين و ازوفيط، فواحد من هذين الأخوين يريد النصر لأيت ياسين و الآخر يريده لازوافيط ،وحدث أن انتصرت أيت ياسين في إحدى الجولات، فقال المناصر لهم لأخيه:« ألم أقل لك أن النصر سيكون حليف أيت ياسين» فنهض أخوه و شتمه قائلا: " وجهك وجه رغية" ، رغية اسم امرأة نقول رغية أو رقية- فشاعت أخبار هذا الجدال، ووصلت أصداؤه إلى أيت ياسين التي أرسلت فارسين لمؤازرة نصيرها. ولما صادفاه في الطريق سأله احدهما: " هل أنت المنعوت بوجه رغية"، فأجاب: نعم أنا هو،فأخذاه معهما و عاش وسط القبيلة بعد أن تزوج من بناتها، وأصبح له كيان داخلها، وبدا الناس ينعتون أبناءه ثم أحفاده بأهل رقية.
أيت حمو: ترجع أصول هذا الفخذ على ما يرويه الناس إلى شخص يدعى حمو من قبيلة يكوت، هذا الشخص هرب من قبيلته وطالب الحماية من أيت ياسين، وهو في الأصل من أيت حمو اليكوتية؛ وتختلف الروايات حول سبب هروبه بعضها يقول قتل، و بعضها يقول سرق؛ وعندما وفد على القبيلة ضايقوه و استقر معهم في بوتزكارت و منحته القبيلة بعض الأراضي، فتمكن من الاندماج وسطها و أصبح له أبناء لقبوا بايت حمو ، لما كثر عددهم و اعتبروا فخذ من أيت ياسين.
أيت داوود: يرجع أصلهم إلى أيت داوود الموجودين بالصويرة، فالجد\ الذي ينسب إليه هذا الفخذ التحق بالقبيلة عندما مرت قوافل- أوكوابير كما يصطلح عليها في المنطقة- أيت ياسين المحملة بالسلع من الصويرة. فكان أن صحبها هذا الجد الذي كان يسمى الفغيرحماد و داوود، واستمر معهم إلى أن وصل ترابهم، فاندمج في إطار القبيلة و كون بها عائلة كبيرة أطلق على أفرادها فيما بعد أيت داوود.
أهل يحيى: أصلهم يرجع إلى دوار بايت باعمران، وبالضبط من أيت علي،قرب أربعة مستي، حيث جاء شخص من أبناء أيت علي عند قبيلة أيت ياسين و هي مستقرة في"ديراساكا" بغنمها و إبلها، وعاش معهم فترة من الزمن فراقت له حياتهم و أعجبهم طعامهم المكون من اللبن و اللحم و الصبار الهندي المجفف...، ولما قررت القبيلة العودة إلى أرضها بكير، رافقها هذا الشخص الذي يطلق عليه أحفاده بمضي الوقت اسم أهل يحيى.
أهل بومزكان: تحكي الروايات أنه في فترات النزاع بين أيت ياسين و ازوفيط، هجم أيت ياسين على اسرير، فوجدوا بنايات صعبة الاختراق احتمى بها ازوفيط. ولما هجموا على تغاجيجت وجدوا نفس المشكل أي أبراج مبنية و مهيأة للقتال، ومن هنا نشأت لديهم فكرة إنشاء أبنية محصنة بافركط، فأحضروا مختصين في البناء وجدوهم في مكان اسمه مرزكان، وهم أربعة إخوة أبناء رجل واحد، وفعلا بدا هؤلاء الإخوة العمل، فكانوا يحضرون ألواحا من الخشب المنجور يلصقونها على الجدران لمنع الطين من السقوط عند استعماله للبناء، وبعد انتهاء أعمال البناء استقر هؤلاء الأربعة بالمنطقة و تزوجوا من بناتها و من تم أطلق على أحفادهم اسم أهل مزركان فحرفت و أ صبحت أهل بومزكان خصوصا وأنهم اشتهروا بكبر الأذنين وهم أصلا من الناطقين بالأمازيغية و استقروا بواد تزرمرمت.
أهل بوتيزوي: كان جد أيت ياسين عند سيدي مسعود، وكانت بناته ترى الغنم و عندما أتين مساء أحد الأيام من الرعي سألهن الوالد: " هل صادفتم اليوم أحدا في هذه المناطق"، فأجبنه أنهن صادفن أقواما يبحثون عن النحل، فقال لهن: " إن صادفوكم مرة أخرى اطلبوا منهم المجيء عندنا للعشاء"، وفعلا حدث أن جاء هؤلاء الرجال إلى خيمة الجد الذي قال لهم: احضروا نحلكم عند سيدي مسعود و لا تخافوا شيئا فإنه لا يمكن أن يمسه أحدا أبدا في هذا المكان، وانتم ضيوفنا وأكلكم و شرابكم عندنا و فعلا جاؤوا بالنحل و نزلوا ضيوفنا عند الجد مدة طويلة، فزوجهم بناته وأصبح عددهم كبيرا فيما بعد ، ليطلق عليهم اسم أهل بوتيزوي لأنهم في الأصل من الناطقين بالامازيغية.
من خلال هذا الجرد، تبين أن الفخذ داخل القبيلة يمثل كيانا سياسيا قائما بذاته، يجسد استقلاله اسم مميز مستمد في الغالب من علم بشري تبعت النسبة إليه أهل أوأيت ، مع تصور أعضائه لوجود رابطة دموية بينهم؛ فهذه الأفخاذ السبعة لا تنتمي إلى الجد المشترك عثمان بن مندى ولا الجد الأعلى و لو بشكل وهمي، ويخفي عليه بالتالي التنوع الكبير في الأصول الحقيقية للسكان، بحكم أن هذه الأفخاذ الوافدة مضى على تمازجها وقت طويل، وتمكنت كل واحدة منها من امتلاك الأرض و الماء و بعض حقول الصبار الهندي.
إذن، فمفهوم القبيلة في هذا النموذج يتطابق مع ما أورده روبير مونطاي، الذي استنتج أن القبيلة المغربية وحده كبرى تشمل مجموعة من الأفخاذ تملك أرضا معينة و تحمل اسما مشتركا و تجتمع حول عدد من التقاليد، ولكنها لا تتوفر على مؤسسات سياسية دقيقة و لا تظهر وحدتها بجلاء إلا عندما تكون مهددة من الخارج.

موضوع في قمة الروعه

لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعة الاختيار

دمت لنا ودام تالقك الدائم

شكرا لك أختي على المرور الجميل والرد الرائع.

» قبيلة إزركيين
» قبيلة أيتوسى
» قبيلة أيت بوجمع
» قبيلة الركيبات
» قبيلة ايت لحسن