حكام عديمو عقل ودين

فاطمة الزهراء الزعيم*

Tuesday, February 22, 2011

إذا زلزلت الأوطان زلزالها وأخرجت الشعوب شبانها وقال الطاغوت: مالها؟ وقال العالم: من حقها. وهتف الأشقاء: نصرا لها. يومئذ تزحزح الحناجر عروش طغاتها. وتبلل الأرض بدماء شهدائها. يومئذ ينادي المنادي بزوال الآلهة البشرية وأزلامها وبقاء وجه الله الواحد الرحيم الودود ذو العرش العظيم مالك الملك إنه على كل شيء قدير.

على غفلة من أمر العروش العتيدة خرجت أفواج من الأحرار في بلدان مختلفة لتضع حدا لعقود من زمن الرذيلة السياسية التي أحرقت الأخضر من كرامتنا وجعلت إراداتنا يابسة وأحلامنا لا تخرج عن إطار أحلام العبيد. وهكذا قضى بعض من المستبدين نحبهم ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. اليوم وعلى مرأى ومسمع العالم يسقط أبناء ليبيا شهداء وتغص دماؤهم جنبات الطرقات ويقصفون بالطائرات والدبابات في ظل إدانة دولية خجولة لوحشية العقيد ودون تدخلات أجنبية. بل إن المعتوه هو من أضحى يهدد العالم ويحذره من مغبة التعاطف مع المحتجين الثائرين.

لقد ظل العرب لقرون من الزمن وهم فخورون بالارتباط الوثيق بين السلطة والذكورة مولولين ومحذرين المسلمين من جرم جلوس امرأة فوق كرسي الحكم. فعدم الفلاح سيكون نصيبهم وكأنهم قد أفلحوا عندما لم تتح للمرأة فرصة الحكم وأتيح الحكم للمجانين والمهرجين والمخنثين والأميين والمرضى النفسانيون فذكورتهم شفعت لهم ولأنهم رجال فهم حتما كاملو عقل ودين . فالمرأة عند العرب ناقصة عقل ودين مهما بلغت من العلم عليا وذلك نتيجة الفهم الخاطئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجل كامل يحق لنا تقديسه والإشراك بالله في سبيل إرضائه حسب إسلام المنافقين لعنهم الله في الدنيا والآخرة. وهكذا فلم يعترض علماء العرب ونخبتهم طيلة العقود الأربعة التي حكمها القذافي ولم نسمع لهم بكاء شديدا في المساجد ولا في الندوات الفكرية من هول فساده في الأرض و طغيانه. وهكذا فلقد تربع القذافي على كرسي ليبيا فحولها إلى خيمة كبيرة يخاطب من خلاها العالم مباشرة فيتفرج الناس ويضحكون ويسخرون وهو ماض في غرور وتفرعن قل نظيره في قضاء حاجته الفكرية مباشرة من –الخلاء- الجماهيرية العظمى التي استوحاها من هذيانه، والعالم يسخر والشعب الليبي محاصر لسانه، مكتوم نفسه، بائس، يائس، مخنوق من طغيان هذا المجنون الذي كانت تستضيفه قناة الجزيرة في الأمسيات التي كانت تنظمها في ذكراها السنوية مخصصة له وقتا متميزا كواحد من المفكرين العرب ليقوم بالتحليل والتعليق فهو السباق لهذه المهنة عندما كان عزمي بشارة مازال عضوا في الكنيست الإسرائيلي. وجب على الجزيرة اليوم أن لا تكتفي بنشر المجازر فقط بل أن تقدم اعتذارا للشعب الليبي على خذلانها له واستفزازها للمسلمين في السنوات السابقة. وفي هذه الليلة التي أكتب فيها مقالي يفتي الشيخ القرضاوي بقتل القذافي وإراحة الناس من شره ولكن بعد ماذا يا شيخنا؟ أين كان العلماء المسلمون عندما جعل القذافي كتابه الأخضر قرآنا مقدسا لا يناقشه الليبيون؟.

أما فيما يخص بلادنا "السعيدة" فسأضرب لكم مثلا لتدركوا أن المغاربة يفهمون لهجات العالم كله إلا لهجتهم المغربية فهم عاجزون عن فهمها. فأمي التي لم تدخل المدرسة والمحكوم عليها أن ترابط مع أبي أمام قناة الجزيرة فهمت كل أحداث الثورات. فكانت توافيني بجديد الثورة التونسية وتردد شعارات المصريين وتتألم مع الليبيين لكنها عندما تعلق الأمر بخروج المغاربة فهي لم تفهم لحد الساعة مطلبهم. وقصدتني قبل يوم من 20 فبراير تسأل مالذي سيطالبون به؟ فاجأني سؤالها وهمست لنفسي : من أين سأبدأ لك يا أمي وكيف سأشرح لك هذه المطالب الكثيرة....ملكية برلمانية... إصلاح الدستور... لقد تعودت أن تسمعي مطالب الشعوب ملخصة في كلمتين"... ثم أجبت أمي "لا يريدون شيئا الأحد سيمر بخير كل الأمور ستكون على ما يرام". يؤسفني أن أخبركم يا إخواني الشباب أن المطالب النخبوية التي رفعتموها لم تكتبوها أنتم فالشباب معروفون بالحماس أكثر من غيرهم والحدة في نبرة النقد أما مطلبكم "الكبير" بملكية برلمانية فهو مطلب متعقل له مفبركوه حيث كان قد همس به آباؤكم الأولون وكتبوه لكم اليوم في اللافتات لتجهروا به . ويؤسفني أكثر أن أخبركم وأن أبصم لكم بأصابعي العشرة أن 99.99 في المائة على الأقل من المغاربة لا يعرفون ما معنى ملكية برلمانية فكيف سيدافع المغاربة عن مطلب لا يعرفون عنه شيئا؟. غن الثورات لا تحتمل الغموض. وإن مطالب من هذا الحجم تحتاج إلى نقاش عميق في أوساط الشارع المغربي وتعبئة على المدى المتوسط والبعيد وتحتاج إلى نضال أكثر نضجا ومسؤولية. أقول رأيي هذا ولا يفوتني أن أحيي كل أبناء الشعب المغربي الواعون بضرورة التغيير ومنهم شباب 20 فبراير الذين اجتهدوا وناضلوا فان نجحوا فلهم أجران وإن أخفقوا فلهم أجر وتحية إجلال وإكبار.

جزاك الله خيرا

وادخلك الله جنتة

وجعل مجهودك فى ميزان حسناتك

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شكرا جزيلا
جزاك الله خير
على المرور