هل يمكن تصور زي تقليدي واحد يستعمل ***اساسي يومي داخل البيت وخارجه وفي المناسبات العادية والخاصة ؟
هذا بالضبط هو دور الزي الذي ترتديه المرأة الصحراوية وتسميه "الملحفة" ليس هذا فقط، فهو ايضا يستخدم كواق للوجه من اشعة الشمس، وللاعتناء ببشرة الجسم كله.
الملحفة زي بسيط للغاية لدرجة انه مجرد قطعة قماش من 4 امتار تلف به المرأة نفسها دون ان تحتاج حتى الى خياطة اطرافه.
جميع النساء الصحراويات لا يستغنين عنه لانهن يعتبرنه اكثر من مجرد رداء، بل رمز لهويتهن وانتمائهن الى منطقتهن، واكبر دليل على ذلك هو ان معظم الفتيات اللواتي يسافرن من المدن الصحراوية المغربية الجنوبية نحو الرباط او الدار البيضاء او مراكش للدراسة او العمل، يتشبثن به، وكأنه بطاقة هوية، وهذا ما اكدته الباتول رحمة بقولها: انها طوال سنوات دراستها بمدينة مراكش لم تتخل يوما واحدا عن ارتداء الملحفة «فهذا الزي يعني لي الاعتزاز بالتقاليد ويرمز الى انوثة المرأة الصحراوية».
وتضيف رحمة ان الصحراوية ترتدي الملحفة بمجرد البلوغ، حيث يصبح لزاما عليها ستر جسمها كاملا.
وتنتشر محلات بيع الملاحف في كل مكان، الا ان اصحابها لا يكتفون ببيع الملاحف فقط، بل الى جانبها تجد الاحذية النسائية والحقائب اليدوية، وادوات الماكياج والتجميل، والساعات اليدوية والنظارات الشمسية، وهي اكسسوارات لا تكتمل أناقة المرأة الصحراوية من دونها.
الزائر إلى هذه المناطق لا بد وان يلاحظ حرصها على الخروج بكامل زينتها، فهي لا تتنازل عن الاحذية ذات الكعب العالي التي لا بد ان تكون ملائمة لحقيبة اليد، ولا عن ساعة ذهبية من الحجم الكبير واللافت، وطبعا نظارات شمسية انيقة تقيها من أشعة الشمس الساطعة وفي الوقت ذاته تضفي عليها التميز.
جميع التجار في مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء المغربية، يؤكدون ان الملاحف التي يبيعونها مستوردة من موريتانيا ودولة الامارات.
وعلى ذكر الامارات يلاحظ ان المرأة الصحراوية متأثرة إلى حد الانبهار بنساء الخليج، وهذا يعود الى وجود قواسم مشتركة، مثل البيئة الصحراوية، والطابع المحافظ للعائلات، والزي الموحد الذي ترتديه النساء، سواءا كان عباءة أو ملحفة.
يقول احد التجار ان هناك عدة انواع من الملاحف، التي تحمل اسماء مختلفة من بينها «الشكة» و«كنيبة» و«كاز» و«كونتر» و«شيفون» و«سامبل»، وكلها اسماء تدل على طبيعة الثوب المصنوعة به كالقطن الخالص، او شكل الرسومات المطبوعة عليها، أو ما إذا كانت بألوان محايدة مثل الابيض والاسود والبني.
وهذه غالبا ما تلبس في المناسبات فقط مثل حفلات الزفاف وغيرها، وتسمى «سواري» تكسوها لمعة خفيفة، وثمنها مرتفع مقارنة بالانواع العادية الاخرى.
وفي الغالب تتميز الملحفة بالالوان القزحية، لكن الموضة فرضت صنع ملاحف بالوان هادئة منسجمة ومتناسقة.
ورغم ان الملحفة مصنوعة من قماش خفيف، عموما، الا انها تلبس صيفا وشتاء، مع العلم ان هناك اقمشة دافئة خاصة بايام البرد، واخرى قطنية باردة لايام الحر.
وبما ان الشمس لا تغيب عن الصحراء، فمن الطبيعي ان تبحث النساء عن وسيلة للحماية من أشعة الشمس المضرة لبشرة الوجه والجسم، ولأجل ذلك تتحول الملحفة نفسها الى «مضاد طبيعي للشمس»، على حد تعبير رحمة، التي اوضحت لنا ان بعض الانواع من الملاحف تصبغ بمادة زرقاء تسمى «النيلة»، فتضعها المرأة كنقاب على الوجه لحجب اشعة الشمس.
ولنضارة البشرة، ترتدي النساء هذه الملحفة ليومين او ثلاثة حتى يبقى اثر النيلة على الجلد، فتغتسل بعدها وتحصل على بشرة ناعمة خالية من الشوائب.
تقول بديعة بيطار، وهي مصممة أزياء تقليدية، ان الملحفة زي خاص بنساء الصحراء، ولا نجده في المناطق المغربية الاخرى، ويتميز ببساطته الشديدة، ويرمز الى الحشمة والوقار، ولا يخضع لتصميم خاص او خياطة، إلا ان ذلك لا ينتقص من قيمته وجماليته، وما يضفيه على المرأة من أنوثة.
وتضيف بيطار ان الملحفة لم تعرف أي تغيير او تطوير يذكر، كما حصل مع الجلابة التقليدية المغربية او العباية الخليجية، التي اجتهد المصممون في تطويرها وتجديدها لمواكبة الموضة العصرية.
وترى ايضا انه بالإمكان استفادة الملحفة من جمالية الزي التقليدي المغربي من خلال ادخال بعض التعديلات عليه، مثل تزيينه بـ«السفيفة» من الجوانب، او ان يطرز بتطريزات خفيفة، مع المحافظة على اصالته وخصوصيته التي تتلاءم مع البيئة الصحراوية.
وتعتبر «الملحفة» احدى الهدايا الاساسية التي يهديها العريس لعروسه، وتفرض التقاليد الصحراوية ان لا يقل عددها عن عشرة من النوع الممتاز.
وهذا ينطبق ايضا على الهدايا الاخرى مثل الاحذية والحقائب وغيرها، دون ان ننسى الجمل الذي ما زال يتصدر الهدايا المقدمة للعروس في الصحراء.