منتدى تربوي اجتماعي
السلام عليكم منتدى الشافعي الصحراوي لحفظ الثرات الحساني والذاكرة الشعبية الصحراوية يرحب بكم
أهلا وسهلا بالزوار الكرام إذا كانت
هذه الزيارة الأولى لكم بالمنتدى فيرجى التكرم بالضغط على زر التسجيل.
إن زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت صاحب(ة) البيت.
منتدى تربوي اجتماعي
السلام عليكم منتدى الشافعي الصحراوي لحفظ الثرات الحساني والذاكرة الشعبية الصحراوية يرحب بكم
أهلا وسهلا بالزوار الكرام إذا كانت
هذه الزيارة الأولى لكم بالمنتدى فيرجى التكرم بالضغط على زر التسجيل.
إن زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت صاحب(ة) البيت.
منتدى تربوي اجتماعي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بسم الله الرحمن الرحيم منتدى الشافعي الصحراوي حوارنا لغة وصمتنا فن
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الشافعي الصحراوي - 4623
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
ملاك الروووح - 1869
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
الامبراطور - 712
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
محمد توهران - 558
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
محمد البكري - 431
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
منعم 3000 - 270
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
زياد - 248
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
فارس الاقصى - 240
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
مسك الجنة - 229
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 
عبد الواحد - 199
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_rcapالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_voting_barالفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- I_vote_lcap 

 

 الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الشافعي الصحراوي

الشافعي الصحراوي


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 01
الـمساهمات : 4623

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالأربعاء 27 أبريل 2011, 17:22

خامسا ً: جِنسيةُ المسلمِ ووطنُه عقيدته .

إن أغلى ما لدى الإنسانِ إذا تخلى عن مُقوِماتِ دينِه ، أهلُه وولدُه وماله
وبلده ، فالصحابةُ رضوانُ الله عليهم لما وجدوا أن مكةَ ليستْ مقراًّ لدينِهم ؛
استأذنوا من الرسولِ صلى الله عليه وسلم بالهجرةِ ، فأذن لهم صلى الله عليه
وسلم ، وهنا ارتفعوا عن مطالبِ الدنيا ، وعن حقارةِ الدنيا ، وعن ذُلِّ الدنيا
، وَنَجَوا بعقيدتِهم ؛ لأن المسلمَ وطنُه عقيدتُهُ ، فالصحابةُ رضوانُ الله
عليهم ضحَّوا بالوطنِ ، وضحوا بالأهلِ ، وضحوا بالمالِ في سبيل هذه الهجرة في
سبيلِ عقيدتِهم ، وانظر إلى صهيبٍ الرومي رضي الله عنه ، كان عبداً مملوكاً في
مكةَ ، فلما جاء الله بالإسلام صدّقَ وأطاع ، فاشتدَ عليه عذاب الكفار ، ثم
أَذِنَ النبيُ صلى الله عليه وسلم للمؤمنينَ بالهجرةِ إلى المدينة فهاجروا ،
فلما أرادَ أن يهاجرَ معهم منعه سادةُ قريشٍ ، وجعلوا عنده بالليل والنهارِ من
يحرُسُه ، خوفاً من أن يَهْرُبَ إلى المدينة ، فلما كان في إحدى الليالي ، خرجَ
من فراشِه إلى الخلاء ، فخرجَ معه من يرْقُبُه ، ثم ما كادَ يعودُ إلى فراشهِ
حتى خرجَ أخرى إلى الخلاءِ ، فخرج معه الرقيب ، ثم عاد إلى فراشه ، ثم خرجَ ،
فخرجَ معه الرقيبُ ، ثم خرج كأنه يريد الخلاءَ ، فلم يخرُج معه أحد ، وقالوا :
قد شغلَتُه اللاتُ والعزى ببطنه الليلةَ ، فتسَلَّلَ رضي الله عنه ، وخرَجَ من
مكةَ ، فلما تأخَّرَ عنهم ، خرجوا يلتمسونَهُ ، فعلِمُوا بهربِه إلى المدينة ،
فلحقوه على خَيْلِهم ، حتى أدركوُه في بعضِ الطريقِ ، فلما شَعُرَ بهم رقى على
ثَنِيَّةِ جبلٍ ، ثم نَثَرَ كِنَانَةَ سِهَامِهِ بين يديه وقال : يا معشرَ
قريشٍ ، لقد علمتُم واللهِ أنِّي أصوبُكُم رمياً ، ووالله لا تَصِلُونَ إليَّ
حتى أَقْتُلَ بِكِلِّ سَهْمٍ بين يَدَيّ رجلاً منكم ، فقالوا : أتيتنا
صُعْلُوكاً فقيراً ، ثم تخرجُ بنفسكَ ومالك ، فقال : أرأيتم إنْ دَلَلْتُكُم
على موضِعِ ماليِ في مكةَ أتأخذونه وتدعوني ..؟ قالوا : نعم .. فقال : احفروا
تحتَ أُسْكُفَّةِ بابِ كذا وكذا فإن بها أواقيَ من ذهب ، فخذوها واذهبوا إلى
فلانةَ فخذوا الحُلَّتَيْن من ثيابٍ ، فرجعوا وتركوه ، ومضى يَطْوِي قِفَارَ
الصحراءِ ، يحمله الشوقُ ويحدوهُ الأملُ في لقاءِ النبيِ عليه السلامُ وأصحابِه
، حتى إذا وصلَ المدينةَ ، أقبلَ إلى المسجدِ فدخلَ على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعليه أَثَرُ الطريق وَوَعْثَاءُ السفرِ ، فلما رآه النبيُ عليه
الصلاةُ والسلام قال : ربِحَ البيعُ أبا يحيى .. ربحَ البيعُ أبا يحيى .. ربح
البيعُ أبا يحيى .. نعم والله ربحَ البيع .. ولماذا لا يربح..؟ وهو الذي هانَ
عليه أن يَتْرُكَ المالَ الذي جمعه بكَدِّ الليلِ وتَعَبِ النهار ، لماذا لا
يربح وقد تركَ الأرضَ التي ألفها والبلدَ التي عرفها ، والدارَ التي سكنها ، في
سبيل طلبِ عقيدته ومرضاةِ ربه.. أيها الأحبةُ الكرام ..

لا بد أن نوطنَّ أنفسنا ، وأن نفهم هذه الهجرةَ فهماً حقيقيا بأن جنسيةَ
المسلمِ ووطنِه هي عقيدتُه ، فالمسلمُ تبعًا لهذا المبدأ ، فلا يَهِنُ ولا
يستكين ولا يقبل الذلَّ ، ولا يقبلُ الخور والضعفَ " وَلا تَهِنُوا وَلا
تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " ولما وجد
الصحابةُ رضي الله عنهم أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا بهذا الدين إلا بالذل
والمهانة والاستكانة ؛ تخلوا عن هذا الوطن ، وذهبوا إلى بلاد يرفعون فيها
رؤوسهم عالية ، فرفع الله مقامهم ، وأعادهم إلى وطنهم منتصرين .

لقد أكدت دروسُ الهجرةِ النبويةِ أن عزة الأمة تكمُن في تحقيق كلمة التوحيد ،
وتوحيدِ الكلمةِ عليها ، وأن أي تفريقٍ في أمر العقيدة أو تقصيرٍ في أخوةِ
الدينِ مآلُه ضعفُ الأفرادِ وتفكُكُ المجتمعِ وهزيمةُ الأمة ، وإن المتأملَ في
هزائمِ الأممِ وانتكاساتِ الشعوبِ عبر التأريخِ يجدُ أن مردّ ذلك إلى التفريطِ
في أمر العقيدةِ والتساهلِ في جانب الثوابتِ المعنويةِ مهما تقدمتِ الوسائلُ
المادية .

إن عقيدةَ التوحيدِ هي الرابطةُ التي تتضاءلُ أمامها الانتماءاتُ القوميةُ
والتمايزاتُ القبليةُ والعَلاقاتُ الحزبية ، واستحقاقُ الأمةِ للتمجيدِ
والتكريمِ مدينٌ بولائها لعقيدتها وارتباطِها بمبادئها ، كيف لا ..؟ وفي الأمةِ
في أعقابِ الزمن منهزمونَ كثر أمامَ تياراتٍ إلحاديةٍ وافدةٍ ومبادئَ عصريةٍ
زائفةٍ ترفعُ شعاراتٍ مصطنعةٍ وتُطْلِقُ نداءاتٍ خادعةً ، لم يجنِ أهلها من
ورائها إلا الذلّ والصغارَ والمهانةَ والتبارَ والشقاءَ والبوارَ ؛ فأهواءٌ في
الاعتقاد ومذاهبُ في السياسةِ ومشاربُ في الاجتماع والاقتصادِ كانت نتيجتها
التخلفَ المهينَ والتمزقَ المشين ، وفي خِضَّمِ هذا الواقعِ المُزري يَحِقُّ
لنا أن نتساءلَ بحرقةٍ وأسى : أين دروسُ الهجرةِ في التوحيدِ والوحدة ؟ أين
أخوةُ المهاجرينَ والأنصارِ مِن شعاراتِ حقوقِ الإنسانِ المعاصرةِ الزائفة ؟
قولوا لي بربكم أيُ نظامٍ راعى حقوقَ الإنسانِ وكرّمه أحسنَ تكريمٍ وكَفِلَ
حقوقَه كهذا الدينِ القويم .
ثامنا : المسجدُ والدورُ الحقيقي .

ويواصلُ النبيُ صلى الله عليه وسلمَ سيرَهُ حتى وصلَ إلى المدينةِ ، فبدأ
ببناءِ المسجدِ وعمارتِه لِعِلْمِه أنَّ المسجدَ لم يوجدْ في الإسلامِ لأداءِ
الصلاةِ فقط ، وإنما هو مدرسةُ المجتمعِ الحقيقيةِ وهو نُقطةُ الانطلاقِ
لتبليغِ دينِ الله ، وهو مركَزُ الدولةِ الإسلاميةِ السائرةِ على منهجِ الله .

لقد نشأتْ مكانةُ المسجدِ وترعرعتْ في قلوبِ المسلمينَ مُنْذُ عهدِ النبوةِ ،
حيث كانَ مصدرَ النورِ والعلم والبصيرةِ والعزة للإسلامِ والمسلمين ؛ فأعلى
سبحانَه شأنَ المساجدِ ورفع قدرها ، ولا أدلَّ على عظيمِ مكانةِ المسجدِ
ومعرفةِ المسلمينَ الأوائلَ أنْ لا طريقَ لإعلاءِ دينِهمُ الذي هو مصدرُ
عِزِّهِم ، إلا بالانطلاقِ منه ، ولذلكَ فإنَّ أولَ ما بَدأ به النبيُ صلى الله
عليه وسلمَ عندما حلَّ بأرضِ الهجرةِ النبويةِ هو بِناءُ المسجدِ لِجَعْلِه
مصدرًا للدعوةِ ومنبعًا لها وموردًا للصحابةِ رضي الله عنهم للجلوسِ معه عليه
الصلاةُ والسلام ، وعندما رسخَتْ هذه المعاني في قلوبِهم رضي الله عنهم ساروا
عليها بكُلِّ ما أُوتُوا من عزْمٍ ويقينٍ بعد وفاته عليه الصلاةُ والسلام ، ثم
سارَ المسلمونَ من بعدهم في هذا المسير ، وانطلقوا من هذا المنطلقِ ، ومن ذلك
المكانِ الطاهر الشريفِ فإن الإمامَ عليه مسئوليةٌ وتَبِعَات ، ومؤذِنُ المسجدِ
والمصلونَ كذلك ، كُلٌ له دورُه الذي يُعْتَبَرُ لَبِنَةً لِبِنَاءِ هذه
الرسالة ، وبَعْثِها لأرجاءِ المعمورة .
أرأيتم لو قامَ كُلٌ بدوره المأمولِ منه وإحيائِه واستحضارِه … أيبقى دورٌ في
أرجاءِ الأرضِ وقوةٌ على ظهرها لغيرِ الإسلامِ ودعوته ؟ ولا أدلَّ على عِنَايةِ
الإسلامِ بالمسجدِ وقداسَتِه من أمْرِ الشارعِ بعدم زخرفتِه ، ونَشْدِ الضالةِ
ورفعِ الصوتِ ، كُلُ ذلك لِتَتَوَحَّدَ القلوبُ وتبتهلَ إلى خالِقها وإلهِها
بدونِ صوارفَ وشواغلَ تُعيقُ تَهَيؤَها للقيامِ بدورها تجاهَ المسجدِ ورسالته ،
فأين أغنياءُ المسلمينَ عن هذه الحقيقةِ ، وأينَ العلماءُ والمسئولونَ عن هذا
الأمرِ المهمِ في حياةِ المجتمعات ، لماذا أصبحتِ المساجدُ مهملةً ، وإذا
اعتُنِيَ بها فمِن أَجْلِ الصلواتِ فقطْ ولا دورَ لها بعد ذلك في حياة المسلمين
.

تاسعا : الهجرةُ وتأريخها ..!

وإشارةً أخرى إلى أمرٍ يتعلقُ بحدثِ الهجرةِ النبويةِ في قضيةٍ تُعبِّرُ بجلاءٍ
عن اعتزازِ هذه الأمةِ بشخصيتها الإسلاميةِ وتُثبتُ للعالمِ بأسره استقلالَ هذه
الأمةِ بمنهجها المتميزِ المُستقى من عقيدتِها وتأريخها وحضارتِها ، إنها قضيةٌ
إسلامية ٌوسنةٌ عُمريةٌ أجمعَ عليها المسلمونَ في عهدِ عمرَ بنِ الخطاب t إنها
التوقيتُ والتأريخُ بالهجرةِ النبويةِ المباركة ، واختيارُ الصحابةِ هذا
التأريخَ على غيرهِ من الأحداثِ يُعََدُّ من فقهِهِمْ وفهمهمُ العميقِ لأهميةِ
هذا الحدثِ الذي انتقلتِ الأمةُ المسلمةُ بسببه من مرحلةِ الاستضعافِ
والابتلاءِ إلى مرحلةِ الاستخلافِ والتمكين ، وكم لهذه القضيةِ وربي من مغزًى
عظيمٍ يَجْدُرُ بأمةِ الإسلامِ اليومَ تَذَكُّرَهُ والتَقيَُدَ به ، كيف وقد
فُتِنَ بعضُ أبنائِها بتقليدِ غيرِ المسلمينَ والتشبهِ بهمْ في تأريخِهم
وأعيادِهم ، فأين هي عِزةُ الإسلام ؟ وأين هي شخصيةُ المسلمين ؟ هل ذابت في
خِضَمِّ مُغْرَياتِ الحياة ؟ فإلى الذين تنكروا لثوابتِهم وخدشوا بَهاءَ
هويتِهم وعملوا على إلغاءِ ذاكرةِ أمتِهم ، وتهافتوا تَهَافُتاً مذموماً
وانساقوا انسياقاً محموما خلف خصومِهم وذابوا وتميعوا أمامَ أعدائهم ، ننادي
نداءَ المحبةِ والإشفاق : رويدَكم ؛ فنحنُ أمةٌ ذاتُ أمجادٍ وأصالةٍ وتأريخٍ
وحضارةٍ ومنهجٍ متميزٍ منبثقٍ من كتابِ ربِنا وسنةِ نبينا صلى الله عليه وسلم
فلا مساومةَ على شيءٍ من عقيدتنا وثوابتنا وتأريخِنا ولسنا بحاجةٍ إلى تقليدِ
غيرِنا ، بل إن غيرَنا في الحقيقةِ بحاجةٍ إلى أن يستفيدَ من أصالتِنا وحضارتنا
، لكنه التقليدُ والتبعيةُ والمجاراةُ والانهزاميةُ والتشبهُ الأعمى من بعضِ
المسلمينَ هداهم الله ، كيف لا ..؟ وقد حذر صلى الله عليه وسلم أمتَه من ذلك
بقوله فيما أخرجَه الإمامُ أحمدُ وأهلُ السننِ " من تشبه بقوم فهو منهم " .
عاشرا : الهجرةُ ومبدأ الشورى .

كلَّنا نعرفُ أن قريشاً اجتمعتْ في دارِ الندوة ، وتشاوروا كيف يفعلونَ
بالرسولِ صلى الله عليه وسلم ؟ نعم .. تآمروا واختلفوا في الرأي ، لكنهم اتفقوا
على أن يجتمعَ عددٌ من أمزاعِ القبائلِ وأفرادها ليقتلوا الرسولَ صلى الله عليه
وسلمَ فيَضِيعُ دمُه بين القبائلِ .
ما أشبهَ الليلةَ بالبارحة ، وما أقربَ عِلاقةَ الماضي بالحاضرِ والحاضرِ
بالماضي ؛ أعداءُ الله جادونَ لحربِ دينِ الله ، جادون لحربِ الدعاة ، كما كان
أولئكَ جادينَ في دارِ الندوة ، فقط .. اختلفتِ الأدوارُ واتفقتِ الأهدافُ ،
اختلفتِ الوسائلُ واتفقتِ الغايات .
كما أجد أن كفارَ قريشٍ في دارِ الندوةِ يشعُّون حماساً لإنهاءِ هذه الدعوةِ
المحمديةِ ، أجد واللهِ أعداءَ الله يتطايرُ النومُ من أعينِهم حماساً لحربِ
الدعاةِ وحربِ الإسلام ، أجدُ أن الدعاةَ يفتقرونَ إلى شيءٍ مما نجده عندَ
أعداءِ اللهِ وهو الحماسُ لدعوتهِم ومبادئِهم ، والتخطيطِ البعيدِ المستمر ،
كفارُ قريشٍ جلسوا يتشاورون ويعقدون ويتآمرون ، والسؤال المهم الذي ينبغي أن
نستفيده : هلِِ المسلمونَ يتشاورونَ فيما يتعلقُ بأمورِ دينهم وعقيدتهم ؟ هل
يلتقونَ ليتدارسوا أوضاعَ المؤامراتِ على هذه العقيدة ، وعلى هذا الدينِ ؟
كفارُ قريش في دارِ الندوة ، وكفارُ العصرِ الحاضرِ في دورٍ كثيرةٍ ، يتشاورونَ
ويخططونَ ، والمسلمونَ نائمون ، كفار قريش في دار الندوة سلكوا السبيل الذي
يحقق لهم أهدافهم ، وبنفس القوةِ وبنفسِ المنطقِ أعداءُ الإسلام في العصر
الحاضر يسلكونَ السبيلَ ذاتَه ، ولهذا فإن الرسولَ صلى الله عليه وسلم علاجا
للمشكلة التي مرَّ بها والمؤامرة التي حلت به واجه التخطيطَ بالتخطيط ، والقوةَ
بالقوة ، والحكمة بالحكمة ، والأسلوبَ بالأسلوب .

الحادي عشر : الهجرةُ والتخطيط .

إن التخطيطَ للهجرةِ من أعظم الدروس التي نستفيدُها في دعوتنا ، مأساة كثيرٍ من
المسلمين بل مأساةُ الدعاة أن التخطيطَ لديهم فيه ضعفٌ كبير ، إن لم أقل : إنه
لا يوجد لدى الكثيرِ منهم أبدا مفهومُ التخطيط ، لديهمُ الإعدادُ الضعيف ،
بينما نجده في الهجرةِ يتمثَّل في أشياءَ كثيرة ، يتمثل في الاستعدادِ المبكرِ
من الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، يتمثلُ التخطيطُ في تهيئةِ أبي بكرٍ رضي الله
عنه لذلك ، حيثُ جلس كما في الصحيحِ أربعةَ أشهرٍ ينتظرُ الهجرةَ معَ الرسولِ
صلى الله عليه وسلم ويهيئُ الراحلةَ ، نجدُ التخطيطَ في إقامةِ الرسولِ صلى
الله عليه وسلم عليا مكانه ، وعندما بدأت مراحلُ الهجرة ؛ جاءَ التخطيطُ
الدقيقُ في خُطُوَات ، وانتبهوا إلى هذه الخطوات وهذا التخطيط :
أولا:
الانتقالُ إلى غارِ ثورٍ ، ولماذا اختارَ
النبيُ صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ هذا الغار ؟ نعم . اختارا هذا الغارَ
ليخالفوا ما أرادت إليه قريش ، فاتجهوا جنوبا .
ثانيا :
توزيعُ الأدوار ، فعبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ يأتي بالأخبار ، وعامرُ بنُ فهيرةَ
يأتي بالغنمِ ليحلبوا ويشربوا ، ويغطي آثارَ عبدِ اللهِ بنِ أبي بكر ، وأسماءُ
تأتي بالطعام ، وعبدُ اللهِ بنُ أُرَيقِط يَسْتَعِدُ للانطلاقِ بهم بعدَ ثلاثِ
ليال ، أرأيتم كيفَ أنه ترتيبٌ محكمٌ دقيقٌ مخططٌ له ، فهل نحن عندما نريد أن
نُقْدمَ على أي أمرٍ من أمورِ الدعوة ؛ نستعدُّ لذلك ؟ نخططُّ له ، نُجيدُ
تحديدَ المراحل ، المؤسفُ أن الواحدَ منا إذا أراد أن يَعْمُرَ بيتا ؛ جَلسَ
يُخططُ عدةَ أشهرٍ ، نعم .. إذا أقبل على أمرٍ من أمورِ الدنيا ؛ خطَّطَ ورتبَ
واستعدَ ، ولكن في أمورِ الدعوة في أمورِ الإسلام فإنه يَخْبِطُ خبطَ عشواء ،
ومن هنا جاءتِ النتائجُ السلبيةُ والنتائجُ السيئةُ لكثيرٍ من الدعواتِ وكثيرٍ
من الحركاتِ ؛ لأنهم يتحركونَ بدونِ تخطيطِ ، يتحركونَ بدونِ دراسةٍ للواقع ،
وبدونِ حسابٍ للمستقبل ؛ حسبَ الأسبابِ التي شرعها الله سبحانه وتعالى ، وهذا
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يا أحبابي ، وهو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
يُخططُ تخطيطاً بشريًا دقيقا ، يخططُ ليستفيدَ الدعاةُ من هذه التجربةِ ، إنها
دروس ، فهل نستفيد منها ؟
تذكرتُ وفكرتُ في كثيرٍ من النكباتِ التي حلَّتْ بكثيرٍ من الجماعاتِ
الإسلاميةِ في كثيرٍ من الدول ، ووجدتُ أن مِن أهمِّ أسبابِها ضعفُ التخطيطِ
لمقابلةِ أعداءِ الله ، فالمسلمُ كَيِّسٌ فطن ، فلا يُقْدِمْ على أمرٍ إلا بعد
أن يكونَ قد قلَّبَ جميعَ الأمور ، وأخذَ بجميعِ الوسائلِ والأسباب ، وهذا
الدرسُ واضحٌ وجليٌ وعظيمٌ في سيرةِ الرسول صلى الله عليه وسلم ، تخطيطٌ محكمٌ
دقيقٌ ، لا تجدُ فيه ثغرةً من الثغراتِ ، فسبحانَ الله ! ما أحوجنا إلى أن نقفَ
أمامَ هذا الأمرِ العظيم ؛ لتستفيدَ منه الأجيالُ بعد الأجيالِ ، فإلى متى
والمسلمونَ يتخبَّطونَ في أمورهم ؟ إلى متي ونحن أبناءُ الصُدفةِ ، وأبناءُ
العواطفِ ؟ فقطْ عواطفُ تهيجُ ثم تخبوا ، فأين الجِدُّ ؟ أين العزيمة ؟ أين
الوُضوح ؟ فالأمرُ من الجدِّية بمكان ، ثم نقول بعد ذلك ونتفاخر " النصر من عند
الله " ؟! نعم ، بلا شكٍ : النصرُ من عند الله ، ولكن لا بُدَّ من الأخذِ
بالأسباب ، لا بُدَّ من الأخذِ بالوسائلِ المشروعة ، فأين هذا من واقعنا ؟ أليس
لنا في سيرةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلمَ عبرة ؟ أليس لنا فيه عِظة ؟ بدأ
وحيدا صلى الله عليه وسلمَ وبالرقمِ القياسيِ بدأتْ الدعوةُ في ازيادٍ شيئا
فشيئا ، حتى قامتْ دولةُ الإسلام .. أيها الأحباب :
أكرر فأقول : لا مكانَ للفوضى في هذا العصر ، بل لا مكانَ للفوضى في حياةِ
المسلم أبدا ، فكلُ واحدٍ منا يحاسبُ نفسه ولو من زاويةٍ ضيقةٍ ، ألسنا نعيشُ
فوضى داخلَ حياتِنا الخاصةِ اليومية ، هل كلُ واحدٍ منا ينظِّمُ وقتَه تنظيماً
دقيقا ؟ هل كلُ واحدٍ منا يعيشُ هَمَّ هذه الدعوة ، ويفكِّرُ لها ليلَ نهار ؟
ثم ماذا عمِلَ إن كانَ فكَّرَ ورتَّبَ لذلك ؟ والله لا عُذر لنا أمامَ الله
سبحانه وتعالى فيما نرى من المصائبِ والمشكلات .

الثاني عشر : البيتُ المسلمُ المتكامل .

لقد كانَ البيتُ المسلمُ حاضراً لأخطرِ قرارٍ في تأريخِ الدعوة ، فقد كانتْ
عائشةُ وأسماءُ رضي الله عنهما تسْتمعانِ لتلكَ المداولاتِ التي دارت بين رسولِ
الله صلى الله عليه وسلمَ وبين والدهِما أبيِ بكر الصديقٍ رضي الله عنه قالت "
بينما نحنُ يوماً جلوسٌ في بيتٍ أبي بكرٍ في نحرِ الظهيرةِ ، قال قائلٌ لأبي
بكر : هذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متقنِّعاً في ساعةٍ لم يكن يأتينا
فيها ، فقال أبو بكرٍ : فداءً له أبي وأمي ، والله ما جاءَ به في هذه الساعةِ
إلا أمرٌ ، قالت : فجاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنَ فأذِنَ له
فدخل ، فقال النبيُ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أَخْرِجْ مَن عندَك ، فقال
أبو بكر : إنما هم أهلُكَ بأبي أنتَ يا رسول َالله ، قال : فإني قد أُذِنَ لي
في الخروجِ ، فقال أبو بكرٍ : الصحبةَ بأبي أنت يا رسولَ الله ، قال رسولُ الله
: نعم ، قال أبو بكرٍ : فخُذْ بأبي أنت يا رسولَ الله إحدى راحلتِي هاتين ، قال
رسولُ الله ، بالثمنِ ، قالت عائشةُ : فجهزناهما أحسنَ الجهازِ وصنعنَا لهما
سَفْرَةً في جرابٍ فقطَعَت أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ قِطعةً من نِطَاقِها فربطتْ به
على فَمِ الجِرابِ فبذلكَ سُميت ذاتُ النطاقين "
الله أكبر .. ما أجملَ هذا البيتَ المسلمَ بيتَ أبي بكرٍ ، أبو بكرٍ ، وابْنُه
عبد الله وابْنتاه أسماءُ وعائشةُ ، بل وحتى مولاهُ عامرُ بنُ فُهيرةَ ، في
وسطِ الجاهليةِ ، ومرابضِ الوثنيةِ ، في وسط هذا الخِضَّمِ الأسودِ الذي
يَهْرُبُ فيه المسلمونَ بعقيدتهم ، نجد بيتا صالحا فيه مُقَوِماتُ الصلاح ،
فعندما قالَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم " أَخرِج من عندك ، قال أبو بكر : إنما
هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله " أكانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم يجهلُ أنهما
ابنتا أبي بكر ؟ لا وربي ، فهْو يعْرفهُما ، ولكن أراد أبو بكرٍ أن يقولَ "
إنهما على منهجي ، همَا على عقيدتي ، لا خوف عليهما يا رسولَ الله " .
لقد وقفتُ أمامَ هذا البيتِ المسلمِ ، وقارنت هذا البيتَ المسلمَ ببيوتِنا في
ديارِ الإسلام ، أين البيتُ الذي تتوفرُ فيه صفاتُ البيتِ المسلمِ كبيت أبي بكر
..؟
إن من أولى أولوياتِ البيتِ المسلمِ وأسما رسالةٍ يقدمُها للمجتمعِ تربيةُ
الأولاد ، وتكوينُ جيلٍ صالحٍ قويٍ ، ولا قيمةَ للتربيةِ ولا أثرَ للنصيحةِ إلا
بتحقيقِ القدوةِ الحسنةِ في الوالدين ؛ القدوةِ في العبادةِ والأخلاق ، القدوةِ
في الأقوالِ والأعمال ، القدوةِ في المخبرِ والمظهر .
في غَيابِ البيتِ المسلمِ الهادئِ الهانئِ ينمو الانحرافُ ، وتفشو الجريمةُ ،
وترتفعُ نسبةُ المخدرات ، بل ونسمعُ بارتفاعِ نسبةِ الانتحار .
إن البيتَ الذي لا يَغرِسُ الإيمانَ ولا يستقيمُ على نهجِ القرآن ولا يعيشُ في
أُلفةٍ ووئام ، يُنجِبُ عناصرَ تعيشُ التمزُّقَ النفسي ، والضياعَ الفكري ،
والفسادَ الأخلاقي ، هذا العقوقُ الذي نجده من بعضِ الأولادِ والعَلاقاتِ
الخاسرةِ بين الشباب والتخلي عن المسؤوليةِ والإعراضِ عن الله والتمرُّدِ على
القيمِ والمبادئِ الذي يعصِفُ بفريقٍ من أبناءِ أمتنا اليوم ، ذلك نتيجةٌ
حتميةٌ لبيتٍ غفلَ عن التزكيةِ ، وأهملَ التربيةَ ، وفقدَ القدوةَ ، وتشتَّت
شملُه .
البيتُ الذي يجعلُ شرائعَ الإسلام عِضين ، يأخذ ما يشتهي ، ويذرُ ما لا يريد ،
إلى شرقٍ أو غرب ، يُنشئ نماذجَ بشريةٍ هزيلةً ونفوساً مهزوزة ، لن تفلحَ في
النهوضِ بالأمةِ إلى مواقعِ عزها وسُؤدُدِها .
من سماتِ البيت المسلم أنه يرُدُ أمرَه إلى الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم
عندَ كلِّ خلاف ، وفي أي أمرٍ مهما كان صغيراً ، وكلُ مَن فيه يرضى ويسلِّم
بحكم الله وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن
يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـلاً مُّبِيناً .
من سماتِ البيتِ المسلمِ تعاوُنُ أفراده على الطاعةِ والعبادة ، فضعْفُ إيمانِ
الزوجِ تقوِّيهِ الزوجةُ ، واعوجاجُ سلوكِ الزوجةِ يقوِّمُه الزوج ، تكاملٌ
وتعاضُد ، ونصيحةٌ وتناصر .
من سماتِ البيت المسلمِ الحياءُ ، وبه يُحصِّنُ البيتُ كِيانَه من سهامِ الفتكِ
ووسائلِ الشر التي تدعُ الديارَ بلاقع ، لا يليقُ ببيتٍ أسِّس على التقوى أن
يُهتَكَ سترُه ، ويُنقضَ حياؤه ، ويلوَّثَ هواؤه بما يخدشُ الحياءَ من أفلامٍ
خليعةٍ وأغانٍ ماجنة ونبذٍ للحجابِ وتشبهٍ بأعداء الدين ، كلُ ذلك ينخِرُ
كالسوسِ في كَيانِ البيتِ المسلم ، وبُؤَراً تفتحُ مغالقَ الشرِّ وتدعُ العامرَ
خرابا .
من سماتِ البيتِ المسلم أن أسراره محفوظةٌ ، وخلافاتِه مستورةٌ ، لا تُفشى ولا
تُستقصى " إن من شرِّ الناسِ عند الله منزلةً يوم القيامةِ الرجلُ يُفضي إلى
امرأته وتُفضي إليه ، ثم يَنْشُرُ سِرَّها "
لا يدخلُ البيتَ المسلمَ من لا يُرضَى دينُه ، فدخولُ المفسدِ فسَاد ، ووَلوجُ
المشبوهِ خطرٌ على فلذات الأكباد بهؤلاء فسدتِ الأخلاقُ في البيوت ، وفشا
السحرُ ، وحدثتِ السرقاتُ ، وانقلبتِ الأفراحُ أتراحا ، بل إنهم معاوِلُ هدمٍ
للبيتِ السعيد ، والله المستعان ..
لقد برزَ أثرُ الهجرةِ في مجالِ تربيةِ الشبابِ والمرأةِ وميدانِ البيتِ
والأسرةِ ، ِففي موقفِ عبداللهِ بنِ أبي بكر رضي الله عنهما في خدمةِ ونُصرةِ
صاحبِ الهجرة عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي ، ما يُجلّيِ أثرَ الشبابِ في
الدعوةِ ودورِهم في الأمةِ ونُصرةِ الدينِ والمِلة ، فأين هذا مما يُنادي به
بعضُ المحسوبينَ على فِكرِِ الأمةِ وثقافتِها من تخديرِ الشباب بالشهواتِ
وجعلِهم فريسةً لمهازلِ القنواتِ وشبكةِ المعلوماتِ في الوقتِ الذي يُعَدُّون
فيه للاطلاعِ بأغلى المهماتِ في الحفاظِ على الدينِ والقيم ، والثباتِ على
الأخلاقِ والمبادئ أمامَ المتغيراتِ المتسارعةِ ودعاوَى العولمةِ المفضوحة ،
وفي موقفِ أسماءَ بنتِ أبي بكر رضي الله عنها ما يُجَلّيِ دورَ المرأةِ
المسلمةِ في خدمتِها لدينها ودعوتها ؛ فأين هذا من دُعاةِ المدنيةِ المأفونةِ
الذين أجلبوا على المرأةِ بخيلِهم وَرَجِلِهم زاعمينَ زوراً وبُهتانا أنَّ
تَمَسُّكَ المرأةِ بثوابتِها وقيمها واعتزازها بحجابها وعفافها تقييدٌ لحريتِها
وفقدٌ لشخصيتها وبئسَ ما زعموا فخرجَتِ من البيتِ تبحثُ عن سعادةٍ موهومةٍ
وتقدميّةٍ مزعومةٍ لتَظُنَّها في الأسواقِ والشوارعِ والملاهيِ والمصانعِ فرجعت
مسلوبةَ الشرفِ مُدَنَّسةِ العرضِ مُغْتَصَبَةَ الحقوقِ عديمةَ الحياءِ موءودةَ
الغيْرَة ، وتلكَ صورة من صورِ إنسانياتِ العصرِ المزعومةِ وحريتِه المأفونةِ
ومدنيته المدَّعاة .. أقول :
ما أحوجنا إلى بيتٍ كبيتِ أبي بكر ، ما أحوجنا إلى أسرة كأسرة أبي بكر ، ما
أحوجنا إلى إيمان كإيمان أبي بكر بل ما أحوجنا إلى آباء كأبي بكر وأبناء كأبناء
أبي بكر ..

الثالث عشر: الصدق والإخلاص مع الله .

نصْرُ الله سبحانَه وتعالى لنبيه أمرٌ جليٌ وواضحٌ وظاهر " إِلاّ تَنْصُرُوهُ
فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا " روى الإمام البخاري في صحيحه قال : لما صعدَ كفارُ قريشٍ إلى الجبلِ
ونظروا ؛ قال أبو بكر: يا رسولَ الله ، لو نظرَ أحدُهم إلى أسفلِ قدميه لرآنا ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما
؟! " الله أكبر ، إنه التوكل والثقة بنصر الله تعالى لم يقل عليه الصلاة
والسلام "ما ظنك بنبي وصاحبُه ؟! " لا " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إنها
قاعدةٌ عظيمة : أنَ كلَ اثنينِ صادقينِ مخلصين ؛ الله معهما ، لم يربطْ القضيةَ
عليه الصلاة والسلام به ، لم يقل "يا أبا بكر ، لا تخف ؛ لأنني أنا موجودٌ ،
أنا رسولُ الله " لا ، ربطَهَا بقضيةٍ أصليةٍ ؛ حتى إذا تكررتْ في يومِنا
الحاضرِ ؛ يتكررُ الهدفُ والسببُ والنتيجة " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إذا
أصابتك مصيبة وأنت معتصم بالله ؛ فلا تخف ؛ فأمامك "ما ظنك باثنين الله ثالثهما
؟!" إذا ادلهمت عليك الخطوب من كل جانب فلا تحزن لأنك تقرأ " ما ظنك باثنين
الله ثالثهما " إذا واجهك عدو فاعتصم برب العدو لأنك تتلوا " ما ظنك باثنين
الله ثالثهما " إذا ..
القضيةُ ليست مربوطةً بأنه نبي ، لا ؛ لأن الله تعالى يقول " إِنْ تَنْصُرُوا
اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ " نبِيٌ وغيرُ نبي ، ما دام أنه على منهج النبي " إِلاّ
تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ " نصْرُ الله كان لنبيه ، ولمن يقتفى سنةَ
نبيه ، وسيكونُ وسيظلُ لكل صادقٍ مخلصٍ مؤمنٍ بالله متبعٍ نبيه ، كما نجد في
هذا الأمرَ أن الأمرَ لا يتعلق بالقوةِ الماديةِ والضخامةِ المادية ؛ فكم بذلت
قريشٌ من أجلِ هذا الأمر، ولكنها لم تُحقِّقْ شيئا ونَصَر الله نبيَه صلى الله
عليه وسلمَ بوسائِله الضعيفةِ البسيطةِ الهزيلة ، لكنها الوسائل المادية ، أما
وسائله الكبرى فهي وسائلٌ عظيمة ، أقواها وسيلةُ الإيمانِ بالله سبحانه وتعالى
والصدقِ معه والتوكل عليه والثقة بنصره .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
egyptmax

egyptmax


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 195
الـمساهمات : 29

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالجمعة 29 أبريل 2011, 07:14

مشكوووور جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد البكري

محمد البكري


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 32
الـمساهمات : 431

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالثلاثاء 03 مايو 2011, 15:03

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشافعي الصحراوي

الشافعي الصحراوي


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 01
الـمساهمات : 4623

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالثلاثاء 16 أغسطس 2011, 01:16

نسأل الله ان يجعلك من عباده الصالحين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عروق جزائرية

عروق جزائرية


الــــجــنـس : انثى
الــعــضــويـة : 390
الـمساهمات : 98

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 12:06

سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشافعي الصحراوي

الشافعي الصحراوي


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 01
الـمساهمات : 4623

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالجمعة 19 أغسطس 2011, 01:38

شكرا لمرورك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الامبراطور

الامبراطور


الــــجــنـس : ذكر
الــعــضــويـة : 02
الـمساهمات : 712

الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-   الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة- Emptyالأربعاء 05 أكتوبر 2011, 18:15

للهم صلي على الحبيب سيد الخلق وشفيعنا يوم البعث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفوائد الجنية من الهجرة النبوية -تتمة-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفوائد الجنية من الهجرة النبوية
» تتمة غزوات النبي 2
» تتمة غزوات النبي مفصلة3
» الاهتمام بالسنن النبوية
» السيرة النبوية دروس وعبر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى تربوي اجتماعي :: المنتدى الاسلامي :: الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :: التعريف بنبي الرحمة-
انتقل الى: